الأحد، 20 فبراير 2011

أنموت حتّى نعيش ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد و آل محمد

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال تعالى : " اقتربت الساعة و انشّقّ القمر " ، في الأيام الماضية رأينا دولاً تسقط و حكّاماً تهوى و ظلماً يتبدّد ، رأينا علامة تلو الأخرى تظهر لـ تمهّد لنا ظهور ولينا و ولي المسلمين الحجّة القائم المهدي عليه و على آبائه أزكى الصلاة و التسليم فـ نسأل الله تعالى ان يعجّل في فرج و خروج مولانا لـ يملأ الأرض قسطاً و عدلاً بعد إذ مُلأت ظلماً و جوراً ، فـ في انتشار الفساد علامة و في انتشار الزنا و اللّواط - و العياذ بالله - علامة و في سقوط حكّام العرب علامة ، فـ أيّ علامة ننتظر حتّى نتوب إلى بارئنا عزّ و جلّ ؟

ثورات قامت ، أحدثها و أبرزها ثورة البحرين في الرابع عشر من فبراير ، في يوم سمّاه البعض عيداً للحبّ ، فـ أعلن فيه المواطن البحريني حبّه لأرضه ، لـ دينه ، لـ انتمائه ، و لـ كون نظرته القائمة على مبدأ الثورة في دحر الظلم و الفساد ، ثورة قادتها طاقات شبابية يسير من خافها الشعب صارخاً و مطالباً بـ اسقاط امتداد ذاك الظلم الذي عاش لـ سنين.

البحرين هي تلك الدولة المليئة بـ مراقد المؤمنين ، المليئة بـ المؤمنين و المؤمنات الذين يتعرضون للكبت و الظلم و سلب الحريّات بـ اسم الظلم نفسه و صار اجتناب السياسة لـ من الكياسة صارت هذه الدولة مرقداً للفساد باسم التطوّر و التغريب و صارت دعارة الخليج و صار شعبها غريباً في بلده لا يجد قوت و زاد يومه و صبر و ابتغى من الله فضلاً و اجراً و لكنّ الساكت عن الحقّ شيطانٌ أخرس.

تكلّم الشعب و اسكت الشيطان بـ سلاح الإيمان و القدرة على التغيير ، فـ في المظاهرات رأينا من يحرق نفسه و من يرمي بـ نفسه أمام دبّابة أو مدرعة من جيوش الشيطان ، فـ هو بـ موته هذا يعيش ، بل إنّه كان ميتاً أصلاً.

نسأل الله تعالى أن ينصر إخوتنا في البحرين و يُسقط الظالم من على عرش الفساد ، و ندعو الله أيضاً أن يُعجّل في فرج مولانا صاحب العصر و الزمان و أن نكون جنده من خلفه نقاتل و نستشهد و نفوز الفوز العظيم.

في البحرين صرخ الشعب ثائراً .:. يريد إسقاط الظلم و الفساد
في البحرين صارت الشوارع بحور دمٍ .:. و الدماء هي العتاد
فـ سأل الظلم قائلاً .:. أيها الشعب ما سـ تجني من هذا العناد ؟
قال العيش الكريم و لا آبه .:. اضرب بـ سيفك و اضغط ذاك الزناد
فـ الموت لنا خلاصٌ و كرامةٌ .:. نأتيك نمتطي بالعزّ صهوة جواد
فـ هل لـ جرحٍ بـ ميّتٍ إيلام .:. و هل للنار مصير غير الرماد ؟
بسم الله والله أكبر .:. نحو موتٍ وخلاصْ و عن الظلم ارتداد

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الخميس، 10 فبراير 2011

بيضة وانكسرت

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلّ على محمد وآل محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إنها أول نظرة لـ بزغ نور ذاك العالم الأزرق الكبير , إنها أول لمسة لـ يد يشرية تحط على أجسادنا الصغيرة , إنها عملية معقّدة إنفصلنا فيها عن أحشاء أمهاتنا , إنّها تلك اللّحظة التي ينقطع فيها ذاك الحبل المدعو بـ السرّي , كان مصدرنا الوحيد لـ الغذاء , وكان صلة تصلنا بـ تلك المستعمرة المعقدة التي كانت تحوي أجسادنا الصغيرة التي بدأت بـ قدرة الباري عزّ وجل من نطفة , إنّها تلك اللحظة التي سُجّلنا فيها كـ كائنات بشرية تعيش على سطح هذا الكوكب.

تبدأ رحلتنا في هذا الكون بـ عمر الطفولة , عمر يتسّم بـ البراءة , لا نكترث فيه إلّا لـ بضعة ألعاب ورسوم متحركة , حرّكت حياتنا وهزّت مشاعرنا , كنّا نعيشها لحظة بـ لحظة ظنّاً منّا أن تلك هي حدود دنيانا , كنّا نعي خالقنا ونخافه ضمن حدود تفكيرنا , نخاف النار لأنّها حارّة ونطلب الجنّة لأنها باردة و سـ نجد فيها السعادة , بـ طبيعة الحال وكوننا نعيش في عالم إسلامي , فإنّنا منذ نعومة أظفارنا نعي رؤوس أقلام من ديننا الحنيف , وفي ذاك الوقت كنّا ما زلنا تحت أجنحة الحنان التي تغطّينا بها الأمهات والآباء ويخافون علينا , وكانت تحيط بنا قشور بيضة الطفولة والبراءة.

إنكسرت البيضة , إنّها أصعب مرحلة في حياتنا , نتحرّر فيها من البراءة وكأنّنا نتحرّر من أغلال تحيط بنا وتعيقنا عن أداء أنشطتنا التي يفعلها عادةً من هم في عمرنا , نعم لقد كبرنا , لقد وصلنا إلى سن المراهقة وما بعدها بـ يضع سنوات , نرى أنفسنا أسياد زماننا , أنّنا رجال والرجال قليل , كان مفهوم الرجولة لدى الأغلبية خاطئ , كنّا نرغب بـ التدخين والتعرّف على الجنس الآخر ظنّاً منّا أنّه الحل الأمثل لـ نرتقي بـ رجولتنا نحو مستوى آخر , ولكنّ البعض الآخر الذي كان يمثل الأقلّية فقد كان عاقلاً منذ صغره , مرّت عليه فترة المراهقة مرور الكرام , لـ يكون رجلاً بـ معنى الكلمة , رجلٌ بـ سن صغيرة , يحكمه عقله لا نفسه , وقد كان يعد عملة نادرة في هذا العمر , و قد بدأت تظهر ملامح شخصياتنا في هذا العمر , وكانت تتشكّل كما يتشكل الطين الذي كنّا نلعب فيه في مرحلة طفولتنا , كانت تغيّر النشاطات الخارجية والعوامل المحيطة تأثر في تلك الملامح , لأنّنا كنّا كـ الإسفنج يمتص ما حوله دون تردد , فـ منّا من لجأ إلي رفقة السوء , ومنّا من لجأ إلى النوادي الرياضية , أو حتّى المخيمات والمراكز الإسلامية , وبـ الطبع فإن تلك الأماكن كانت تحتوي على نسبة فساد والمقادير تختلف من مكان لـ آخر , ولكنّ الكلمة الأولى تعود لنا , لأنّنا نقرّر في هذا العمر ما نريد أن نصبح ونكون.

انقضت تلك السنين , منّا من قد انتقل إلى مرحلة الرجولة , ومنّا من بقي مراهقاً على حاله القديم , لم يتغير بل زاد صبيانيّة وشقاء , أمّا من انتقل إلي مرحلة الرجولة فـ قد تأثر لا محالة بـ قرارات اتخذها في فترة مراهقته , إمّا أن تفيده أو تضره , وبعد أن اكتملت ملامح شخصيته وتشكّلت لـ يصبح رجلاً مستقلاً بـ رأيه وتفكيره , لا يؤثّر عليه ما حوله , ويبدأ نمط حياته بـ التغيّر , فـ منّا من يرغب بـ إكمال نصف دينه واللّجوء لـ الزواج , ومنّا من يريد " الحريّة " كما يسميها البعض ويبقى أعزباً , بـ الطبع فإن " الرجل " سيد قراراته يفعل ما يشاء وقت ما يشاء , ولكنّ الرجولة هي أن تكون مسؤولاً عن نفسك , قولاً وفعلاً.

يتساقط الشعر , ومعه يتساقط أحبابنا الذين عشنا معهم طوال حياتنا , يرحل الواحد منهم تلو الآخر , و كل ما نفعله هو الإنتظار حتّى يحين موعدنا الذي نلقى فيه ربّنا فـ نحاسب على أعمالنا , إن خيراً فـ خير و إن شرّاً فـ شر , وعندما نشيخ فإن جلّ ما نفعله هو تذكر طفولتنا وأيام المراهقة ونرغب في العودة إلى تلك البيضة المكسورة التي كنّا نتوق لـ الخروج منها , لكنّ ما لم نفهمنه أن تلك البيضة لن تسعنا الآن , بل إنّ ما يسعنا هو حفرة صغيرة تكون مثوانا الأخير.

اللهم ارزقنا حسن الخاتمة , اللهم أنر حياتنا بـ نور الإيمان , واللهم لا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.